استشاط عمر احجيرة، كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، غضبًا خلال مناقشة ميزانية قطاعه، موجّهًا انتقادات لاذعة إلى رجال ونساء المال والأعمال الذين “اختفوا عن ساحة التصنيع والتصدير” رغم ما توفره الدولة من برامج دعم مالية ولوجستيكية سخية.
عمر احجيرة لم يُخفِ خيبة أمله الكبيرة من “لامبالاة” من يفترض فيهم قيادة عجلة التنمية الصناعية، قائلاً بنبرة حادة: “قلنا لهم خذوا المال، والمواكبة التقنية، وتأمين الصادرات، وحددنا لهم الأسواق المستهدفة… ومع ذلك، لا أحد رد إلا القلة القليلة.”
وأضاف أن الحكومة، بتعليمات مباشرة من رئيسها عزيز أخنوش وبشراكة مع وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، أطلقت برنامجًا متكاملًا لتنزيل التوجيهات الملكية الرامية إلى جعل المغرب يسير “بسرعة واحدة” في مجال الصناعة والتجارة الخارجية، غير أن المقاولين المغاربة تخلّفوا عن الركب.
وأوضح عمر احجيرة أن ما يجري اليوم “مهزلة اقتصادية”، لأن بعض رجال الأعمال يريدون الأرباح السهلة عبر الاستيراد من مكاتبهم وهواتفهم، بدل أن يخوضوا غمار التصنيع المحلي والتصدير نحو الأسواق الإفريقية والعالمية، وهو ما اعتبره الوزير “إهانة حقيقية لذكاء المغاربة، وعرقلة متعمّدة لمجهود الدولة”.
وكشف المسؤول الحكومي أنه زار 12 جهة والتقى بأكثر من ألف مشارك و17 فاعلًا مهنيًا، ومع ذلك لم يتلقَّ سوى 130 طلب دعم فقط، واصفًا الرقم بـ”الهزيل والمخجل” قياسًا بحجم الطموح الوطني.
“زارهم الوزير وقال لهم خذوا الدعم والمواكبة، فاختفوا جميعًا!”، يعلق أحد البرلمانيين ساخرًا في كواليس البرلمان، مضيفًا أن كثيرين منهم “مشغولون بالاستثمار في العقار والمضاربة بدل الصناعة”.
احجيرة لم يتردد في تحميل لوبيات المال مسؤولية تعطيل التنمية، مؤكدًا أن الحكومة وفرت بنية تحتية من طرق ومطارات وموانئ ومدن مهن وكفاءات، ومع ذلك ما زالت بعض الجهات ترفض النهوض من سباتها الاقتصادي.
وأشار إلى أن الهدف من البرنامج الحكومي هو تمكين 10 آلاف مقاولة مغربية من ولوج أسواق التصدير انطلاقًا من إفريقيا، بدعم يصل إلى مليوني درهم لكل مشروع، وتأمين إضافي بقيمة 100 مليون درهم، لتحقيق 120 مليار درهم من الصادرات وتقليص العجز التجاري مع دول كتركيا ومصر، لكن النتيجة — كما قال الوزير — “صفر تجاوب تقريبًا”.
وفي تعليق صريح أثار الجدل، قال عمر احجيرة: “إذا كان رجال الأعمال المغاربة يرفضون الاستثمار في بلدهم، فليأتِ المستثمرون الأتراك أو الآسيويون، فهم على الأقل لا يخشون خوض غمار الإنتاج.”
وفي الوقت الذي يُحمّل الوزير لوبيات المال مسؤولية الركود الصناعي، تتعالى في كواليس البرلمان أصوات تدعو الحكومة إلى وقف التحفيزات الضريبية والجمركية التي يستفيد منها المستوردون والمضاربون، واصفة إياهم بـ”الفراقشية الذين يتحكمون في الاقتصاد الوطني دون أن يضيفوا إليه درهمًا واحدًا من القيمة المضافة الحقيقية”.
الرسالة موقع إخباري متنوع