زاكورة تحت المجهر..هل غزو الجراد بداية لاجتياح المغرب؟ وما هي استراتيجية المملكة للمواجهة؟

شهد إقليم زاكورة هذا الأسبوع ظهور أسراب من الجراد، وهو ما أثار مخاوف واسعة النطاق حول احتمالية تحول هذا الظهور إلى اجتياح أوسع للمغرب، خاصة في ظل تقارير سابقة عن اقتراب الجراد الصحراوي من الحدود. هذا التطور يعيد إلى الأذهان تاريخ المغرب الطويل مع هذه الآفة المدمرة، ويضع على المحك جاهزية المملكة وإجراءاتها المتخذة لمكافحة هذا التهديد.

إن ظهور الجراد في إقليم زاكورة، المعروف ببيئته الصحراوية وشبه الصحراوية المواتية لتكاثر هذه الحشرة، يُعتبر مؤشرًا يستدعي اليقظة. فالمغرب، بحكم موقعه الجغرافي، يقع ضمن نطاق انتشار الجراد الصحراوي الذي ينطلق عادة من مناطق التكاثر في الساحل الأفريقي والصحراء الكبرى. الظروف المناخية الملائمة، مثل الأمطار التي توفر الغطاء النباتي لغذاء الجراد والرطوبة اللازمة لتفقيس البيض، يمكن أن تحفز تحوله من السلوك الفردي إلى التجمعي، مما يؤدي إلى تكوين أسراب مهاجرة.

تاريخيًا، شهد المغرب عدة موجات كبرى من اجتياح الجراد الصحراوي، كانت بعضها مدمرة للغاية، مما ترك بصمات عميقة على الذاكرة الجماعية وعلى الأمن الغذائي للبلاد. وقد تخللت هذه الموجات فترات من الهدوء أو عودة محدودة، ولكن التهديد يبقى قائمًا بشكل دائم.

القول الفصل ما إذا كان ما يحدث في زاكورة هو بداية اجتياح واسع للمغرب لا يزال سابقًا لأوانه. ومع ذلك، تشير التقارير والتصريحات الرسمية إلى أن السلطات المغربية تتابع الوضع عن كثب. فمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) سبق وأن حذرت من أن التساقطات الأخيرة في مناطق الجنوب الشرقي والمناطق الصحراوية قد وفرت بيئة مثالية لتكاثر الجراد، مما يعني أن المهمة قد تكون شاقة في محاولة زحفه نحو المناطق الزراعية الأكثر خضرة.

إن تحول الجراد من أفراد متفرقة إلى أسراب مهاجرة يعتمد على عوامل عدة، أبرزها توفر الغذاء والظروف المناخية المناسبة للتكاثر. وفي حال استمرت هذه الظروف، فإن احتمالية زحف الجراد إلى مناطق أخرى من المغرب، خاصة المناطق الفلاحية الحيوية، تزداد.

يتخذ المغرب مجموعة من الإجراءات لمكافحة الجراد، تعتمد على استراتيجية استباقية ووقائية، بالإضافة إلى التدخل السريع عند الضرورة. وتشمل هذه الإجراءات:

* المركز الوطني لمكافحة الجراد: يضم المغرب مركزًا متخصصًا لمكافحة الجراد، يتمتع بخبرة واسعة في هذا المجال. يتولى المركز مهام رصد ومراقبة انتشار الجراد على كافة التراب الوطني، وتنسيق وتنفيذ عمليات المكافحة.

* المراقبة والرصد المستمر: تعتمد السلطات المغربية على فرق متخصصة تقوم بالمراقبة والاستطلاع الدائم في المناطق المعروفة بأنها بؤر لتكاثر الجراد أو مناطق عبور محتملة. يتم ذلك بالتعاون مع المصالح المحلية والقطاعات المعنية لضمان التعبئة الشاملة والمتابعة المستمرة للوضع.

* التدخل السريع بالمبيدات: عند رصد أسراب أو مجموعات من الجراد، تتدخل فرق المكافحة بشكل سريع باستخدام المبيدات الكيميائية المخصصة لذلك. يتم التركيز على الرش الجوي أو الأرضي في المناطق المصابة للحد من انتشاره وتجنب الخسائر الكبيرة. ومع ذلك، يثار النقاش حول التأثير البيئي للمبيدات، مما يدفع للبحث عن بدائل وحلول مستدامة.

* التعاون الإقليمي والدولي: يدرك المغرب أن الجراد آفة عابرة للحدود، ولذلك يحرص على التنسيق والتعاون الوثيق مع البلدان المجاورة والمنظمات الدولية مثل الفاو. هذا التعاون يشمل تبادل المعلومات والخبرات، وتنظيم حملات مكافحة مشتركة في المناطق الحدودية لمنع دخول الأسراب إلى الأراضي الوطنية.

* التوعية والإرشاد الفلاحي: تلعب توعية الفلاحين دورًا مهمًا في الاستجابة السريعة للآفة. يتم تزويد الفلاحين بالمعلومات الضرورية حول كيفية اكتشاف الجراد والإبلاغ عنه، بالإضافة إلى توجيههم بخصوص الإجراءات الوقائية التي يمكن اتخاذها.

إن تحدي الجراد يتطلب يقظة مستمرة وتعبئة شاملة، فمع كل موجة جديدة، يثبت المغرب قدرته على الصمود والتكيف، ولكن يبقى الأمل معلقًا على استمرارية الإجراءات الوقائية والبحث عن حلول مستدامة تضمن الأمن الغذائي للبلاد على المدى الطويل.

شاهد أيضاً

هل تم فعلاً منح الصفة الضبطية لأعوان السلطة في مشروع قانون المسطرة الجنائية ؟

زنقة 20 | الرباط صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، فجر الثلاثاء، ضمن …

النيابة العامة تقرر إغلاق الحدود في وجه إمبراطور العقار بالمغرب

أفريقيا بلوس ميديا علمت مصادرنا، أن النيابة العامة أصدرت تعليمات صارمة بسحب جواز سفر أحد …

اترك تعليقاً