إِسْرَائِيلُ بَيْنَ الكُبْرَى وَالعُظْمَى.. آليات الاختراق الاسرائيلي وتبعاته

● بقلم: جَمَال مُتَوَلِّي الجَمَل .

• نشاط الجاسوسية .
خلال العقدين السابقين رأينا شبكات التجسس الصهيوني التي تساقطت في الكثير من البلاد العربية وخاصة في مصر والأردن ، والنشاط التجسسي الذي ظهر مؤخراً وخِلال الأشهر فقط السابقة في لبنان وإيران ، بما لم يكن يرد على خيال أحد ولا حتي أجهزة المخابرات الإيرانية التي ظهر انكشافها حتي التعرية التامة .
فحزب الله انهار وتم اغتيال أبرز قياديه من حسن نصر الله وكل مساعديه العسكريين والسياسيين ، مما يعني ان الموساد الصهيوني كان قريباً منهم كشراك النعِال وكالملابس التي على أبدانهم .
دعك مما كان فضيحة مدوية من اغتيال غالب القيادات عن طريق أجهزة البيجر التي في جيوبهم ويعتمدون عليها في التواصل بينهم .
أما ما جري في إيران بدءاً من استهداف الشهيد بإذن الله تعالى – المجاهد اسماعيل هنية – تقبله الله في الشهداء – في غرفته التي تستضيفه فيها إيران ، وفي عِز صولجان الاحتفال بثورة الخميني لديهم .
وكنا نتصور أن هذه اكبر تعرية للمخابرات بل لكل السلطة الإيرانية حتي ان البعض ظنوا أن إيران سلمت اسماعيل هنية – رحمه الله تعالى – للكيان الصهيوني .
إذ يتفاجأ العالم باغتيال علماء النووي الإيراني في توقيت واحد واصطيادهم كما يصطاد الصياد عصافيره من على الشجر !!
ثم ضرب المواقع والمعامل النووية وإطلاق المسيّرات الصهيونية في سماء إيران من داخل إيران ، في عمل جاسوسي واستخباراتي لم تتوقعه ولم تعلمه إلا أمريكا .
حتي وصل الامر بالقبض على إمام مسجد يعمل اكثر من عقدٍ كامل بين شيعة إيران ويعظهم بأشد وأدق مواعظهم وفي النهاية وبعد فضيحة تعرية إيران مخابرتياً وأمنياً وعسكرياً يكتشفوا أنه واحدٌ من حملة اعلى الرُتب العسكرية في الكيان الصهيوني .
أضف إلى ذلك أكبر ضربات الجاسوسية الصهيونية للعراق في عملية جاسوسية جوية في 7 / 6 / 1981 – تحت اسم بابل ودمرّت فيها المفاعل النووي العراقي وهو مازال تحت الإنشاء .
وكذلك في 2018 اعترف الكيان الصهيوني بمسؤليته عن الضربة الجاسوسية الصهيونية الجوية التي استهدفت ايضا المفاعل النووي السوري تحت اسم – عملية البستان – في دير الزور والذي كان ايضا تحت الانشاء حينذاك .
ولا ننسي التقارير التي مازالت تحت الغموض والتي تفيد تجنيد اشرف مروان صهر وسكرتير الرئيس عبدالناصر .
مما يعني ان الاختراق الصهيوني المخابراتي والجاسوسي نشط حتي في أمريكا وهي الدولة الظهير والسند الأقوي والأهم له .
فالكيان الصهيوني من انشط الأجهزة وأدقها في جمع المعلومات على مستوي العالم .

• تبعات الغفوة :
لا توجد غفلة بلا ثمن، ولا يمكن أن تكون سماؤك وكل حدودك مخترقة ومستباحة على النحو النافذ والطاعن المذكور سابقا، من غير وقوع أضرار أو خسائر كثيرة منظورة وغير منظورة.
ونحسب أن هذا ما ينطبق حاليا على وضعية العالم العربي في مواجهة محاولات الاختراق الإسرائيلية الواضحة والمستمرة، وما أكثر المؤشرات والأمثلة الدالة على ذلك!
الصراع في دارفور، وجنوب السودان ، وما أدى إليه ذلك من اقتتال في الشمال وانقسام في الجنوب ( الذي تم فصله واستقلاله عن الشمال بتكتيك ومساعدة صهيونية )، وقد اعترف رئيس “أمان ( أحد اذرع المؤسسة الأمنية والعسكرية الصهيونية ) ” عاموس يادلين نفسه، حينما أقر غير مرة بتشجيع وتسليح إسرائيل للحركات الانفصالية في السودان.

• كل ذلك يمثل دليلا على أن إسرائيل تعي ما تفعل، وأن أقمار التجسس والطائرات بدون طيار لا تحوم حولنا من أجل التنزه أو استعراض القوة.
• وإن كان الموساد نجح في الوصول إلى العمق الإيراني، وقام بعمليات اغتيال لعلماء ذرة إيرانيين، فقد كان ذات النهج الذي تمت به تصفية علماء الذرة المصريين – أمثال مشرفة والمشد وسميرة موسى- وعدد آخر من العلماء العرب، مدى عزم الكيان الصهيوني على سلب كل مفاتيح القوة من كل دول المواجهة.

• وإلى جانب نجاح إسرائيل في اختراق شبكات الاتصالات والهواتف المحمولة في لبنان، وتنصتها على عدد من المسؤولين، ممن يعدون من أصحاب القرار في الحكومة اللبنانية، فضلا عن تعطيل العمل بمصافي النفط والمنشآت الصناعية في إيران بفيروس “فليم”، شكلا جديدا من أشكال الاختراق النافذ للجسد العربي الإسلامي الواهن.

• هذه عينة من الأضرار المثبتة التي لا يمكن إنكار وقوعها أو إرجاعها إلى غير الدولة العبرية، لكن الأضرار الخافية وغير المعلنة يمكن أن تكون أكثر وأبلغ أثرا بمئات المرات من هذه العينة، لاسيما إذا كانت طويلة الأمد أو يجري التخطيط لها على نار هادئة.

• في هذا الإطار، لا يمكن أبدا تجاهل أن إحدى المهام الأساسية لجهاز الموساد، تتضمن “تقييم الموقف السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدول العربية بشكل مستمر، واقتراح التوصيات والخطوات الواجب اتباعها في ضوء المتغيرات الحادثة”، كما لا يمكن تجاهل وجود قسم بالموساد مختص بالحرب النفسية واستغلال المعلومات المتاحة، في نشر الشائعات المغرضة وإثارة البلبلة والقلاقل الداخلية بدول الطوق والمواجهة.

• حرب العقل للعقل :
على غير ما يفعله العرب، يفكر قادة الكيان الصهيوني دائما بمنطق كيف ستبدو الحرب المقبلة؟ وما هي الجاهزية الحالية لخصمنا؟ وكيف يمكن لنا أن نحقق ونحافظ دائما على عنصري المبادأة والمفاجأة؟

• إن المنطق يقول إنه إذا لم نكن قادرين على مناطحة إسرائيل تقنياً ومقارعة تفوقها في المجالات التي تقوم على التقدم التقني والعسكري، فليس أقل من محاولة مقارعتها في المجالات الأخرى التي تعتمد على قوة العقل ومقدار الكفاءة البشرية.

• ومن ذلك على سبيل المثال، مجال الحرب الإلكترونية التي تعد من حروب المستقبل، والتي لا يحتاج التفوق فيها إلا إلى أدمغة بشرية متمكنة ومؤهلة.

• كما يستلزم الأمر درء النواقص الحالية بأسرع ما يمكن، والأخذ ببقية أسباب القوة، خاصة في المجالات التي قد تمثل فارقا في حال تحول الصراع إلى حرب إقليمية.

• وفي هذا الإطار، يحتار المرء حقيقة في أسباب غفلتنا عن أمور كثيرة، ومن ذلك مثلا خلو فضاء المنطقة – المتخم بأقمار التجسس الإسرائيلية والأميركية – من قمر عربي صناعي واحد يكشف إسرائيل ويعريها كما تفعل أقمارها بنا، وهذا رغم أن الأمر ليس بالعسير ماديا أو تقنيا.

• أما الأهم من ذلك كله فهو استذكار دروس الماضي، ومن ذلك مثلا أن كلمة السر في تفوق العرب على إسرائيل في حرب أكتوبر 1973، لم تكن سوى اليقظة والتوحد ودقة التخطيط واستخدام جميع الأسلحة المتاحة بدهاء وحنكة، وأهمها في ذلك الوقت سلاح النفط.

• فهل نستذكر هذا ونتحد ونتوحد، على الأقل لحماية سماواتنا وحدودنا المستباحة؟!

وللحديث بقية .
بإذن الله نلتقي في حلقة قادمة


(1) مقال وحيد محمد مفضل في الجزيرة 10 / 7 / 2012 – بتصرف

شاهد أيضاً

الصحافة الفاسدة: التغطية في سبيل المال ومحاباة الحكومات

في مناطق عديدة حول العالم ترى بعض وسائل الإعلام مستعدة لتقبل الرشاوى لتقرير ما الذي …

صراع الورثة داخل “الزاوية البودشيشية”

بقلم: علي أنوزلا مرة أخرى أعود إلى التدوين حول صراع الورثة داخل أكبر زاوية صوفية …

اترك تعليقاً