أكدت مصادر إسرائيلية، اليوم الخميس، اقتراب حركة حماس وحكومة الاحتلال الإسرائيلي من اتفاق إطار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح المحتجزين، بعد تقدم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بتعديلات جديدة على المقترح السابق من أجل الوصول لاتفاق بشأن إنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين.
ماهر صافى: نتنياهو لا يعنيه أمر المحتجزين الإسرائيليين
وفي هذا الإطار، قال الدكتور ماهر صافي، الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني، إن إسرائيل تماطل وسياستها تعتمد على إطالة أمد الحرب، وهذا ما يريده رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو البقاء أكبر قدر ممكن في الحكم، وإلحاق الضرر الكبير بقطاع غزة، من خلال اتباع سياسة حرق الأخضر واليابس فيه.
وأضاف صافي، في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، أنه سبق ووافقت حركة حماس على المقترح الأمريكي، وأخلّت إسرائيل ولم توافق وطالبت بمزيد من التنازلات من قبل حركة حماس.
وتابع صافي: “ما يقلق هو أن نتنياهو لا يعنيه أمر المحتجزين الإسرائيليين الموجودين لدى حركة حماس أو المقاومة، وما يؤكد ما أقوله أن هناك كثيرا من المحتجزين قتلوا بفعل عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة من قطاع غزة بالرغم من الضغط الجماهيري في الشارع الإسرائيلي بالمطالبة بعقد صفقة مع حماس، إلا أن نتنياهو لا يفكر في إنهاء الحرب أو عقد صفقة أو الانسحاب ووقف إطلاق النار”.
وأكد أن الأيام المقبلة أصعب من الأيام التي مضت لأن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق أهداف نتنياهو الذي يبحث عن نصر، ولكن أثبتت المقاومة غير ذلك على أرض الميدان، بالرغم من المجازر التي حلّت بالشعب الفلسطيني وحجم التدمير الذي أتى على أغلب مدن قطاع غزة، والذي أوقع ما يزيد على 38 ألف شهيد، 70% من الأطفال والنساء والمدنيين، وأكثر من 88 ألف جريح، وأكثر من 12 ألف مفقود، وآلاف المعتقلين لدى الجيش الإسرائيلي.
محمد مهران: إسرائيل ملزمة بوقف إطلاق النار
من جانبه، علّق الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، إن هذه الأنباء إن صحت تمثل تطورًا إيجابيًا في مسار الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، مبديا أمله أن تكون هذه الأنباء صحيحة، ومضيفا أنه من منظور القانون الدولي فإن إسرائيل ملزمة بوقف إطلاق النار وفقًا لعدة أسس قانونية، أبرزها قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، والذي يعد ملزمًا لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وتابع: “هذا بالإضافة إلى قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 26 يناير 2024، والذي تم تعديله أيضا منذ شهر، وقضى بوقف العملية العسكرية في رفح، وأمر إسرائيل باتخاذ تدابير مؤقتة لمنع ارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة”، مؤكدا أن هذا القرار يلزم إسرائيل قانونًا بوقف العمليات العسكرية خاصة في رفح، حيث يتركز معظم النازحين الفلسطينيين.
وأشار الخبير في القانون الدولي إلى أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تحمي المدنيين في أوقات الحرب، مشيرا إلى أن الكارثة الإنسانية الناجمة عن الحصار والقصف المستمر تصل إلى حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
واعتبر “مهران” أن إتمام الاتفاق ووقف إطلاق النار يعتمد على عدة عوامل، أهمها مدى التزام الطرفين بتنفيذ بنود الاتفاق بحسن نية، كما لفت إلى أن الضغط الدولي سيلعب دورًا حاسمًا في دفع الأطراف نحو التهدئة، ومشيرا إلى أهمية أن يتضمن أي اتفاق آليات واضحة للمراقبة والتنفيذ، ربما تحت إشراف الأمم المتحدة أو أطراف دولية محايدة لضمان الالتزام به وعدم انهياره كما حدث في اتفاقيات سابقة.
وشدد أستاذ القانون على أن المجتمع الدولي مطالب بلعب دور أكثر فاعلية في هذه المرحلة الحرجة، موضحا أن مجلس الأمن الدولي عليه اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان تنفيذ قراراته، بما في ذلك فرض عقوبات على أي طرف ينتهك وقف إطلاق النار، داعيا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، خاصة القوى الكبرى، لممارسة ضغوط دبلوماسية واقتصادية على إسرائيل لإجبارها على الالتزام بالقانون الدولي ووقف عدوانها على غزة.
كما أكد أهمية معالجة الأسباب الجذرية للصراع، موضحا أن وقف إطلاق النار رغم أهميته القصوى في الوقت الحالي إلا أنه يجب أن يكون مقدمة لحل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، مشددا على أن هذا الحل يجب أن يستند إلى قرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
وشدد مهران أيضًا على أهمية إدراك المجتمع الدولي أن استمرار الوضع الراهن في فلسطين المحتلة يشكل تهديدًا مستمرًا للسلم والأمن الدوليين، ما يقتضي العمل الجاد على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حل الدولتين، مؤكدا أنه السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم وعادل في المنطقة، معتبرا أن أي انتهاك للقانون الدولي وعدم تنفيذ قراراته، مهما كانت مبرراته، يقوض أسس النظام العالمي ويهدد السلم والأمن الدوليين، مؤكدا أن احترام القانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ليس خيارًا بل هو التزام على جميع الدول، بما فيها إسرائيل.
ثائر أبوعطيوى: إسرائيل تريد استمرار الحرب
فيما قال ثائر أبوعطيوي، الكاتب والصحفي الفلسطيني، ان موافقة إسرائيل جاءت في بيان مقتضب صادر عن جهاز الموساد، نقله مكتب رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بأن الموساد تلقى من الوسطاء في مصر وقطر رد حركة حماس بشأن صفقة تبادل الأسرى، وإسرائيل تقوم بدراسته وستقوم بإبلاغ الوسطاء ردها.
وتابع أبوعطيوي، في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، أن هناك بيانا أيضا لحركة حماس أكدت به أن رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، قد تواصل مع مسئولين أتراك وأن حماس تتعامل بإيجابية مع فحوى المداولات الجارية، أما عن إسرائيل، وحسبما ورد على لسان المراسل الصحفي يارون أفراهام، من القناة 12 الإسرائيلية فقال: “بعد رد حماس، سيهاتف الرئيس الأمريكي بايدن، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اليوم، للضغط عليه للتوصل لصفقة”.
وأضاف “أبوعطيوي” أنه من خلال التجارب السابقة للمباحثات والمفاوضات للوصول إلى هدنة، فإن الأمر لا يزال قيد البحث والدراسة من قبل رئيس حكومة الاحتلال، ولن نقول إن رد حماس على المقترح المعدل مرفوض من قبل نتنياهو للحظة، وهذا في ظل وجود فجوة من الخلافات التي تركز الآن إلى حد كبير على نقطتين، كلاهما يتعلق بالمحادثات حول وقف دائم لإطلاق النار منصوص عليه في الاتفاق المكون من ثلاث مراحل، والذي تدعمه الولايات المتحدة والأمم المتحدة، ومن المقرر أن تجرى هذه المحادثات خلال المرحلة الأولى، وهي هدنة مقترحة مدتها ستة أسابيع، يتم خلالها تبادل بعض الرهائن بأسرى فلسطينيين.
وأشار إلى أن حماس تريد أن تقتصر تلك المحادثات على عدد وهوية السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل رهينة متبقٍ، في حين تريد إسرائيل أن تتركها مفتوحة حتى يمكن إضافة المزيد من المواضيع إلى المناقشات، وفقًا للمسئولين الكبيرين، وهذا في ظل مخاوف حماس من أن تقوم إسرائيل بنسف المحادثات من خلال توسيعها للتعامل مع قضايا أخرى غير قابلة للحل، ما يسمح لإسرائيل بمواصلة الحرب. كما ينص الاقتراح، الذي تدعمه الولايات المتحدة والأمم المتحدة، على أنه إذا لم تتمكن إسرائيل وحماس من التوصل إلى اتفاق بشأن وقف دائم لإطلاق النار قبل انتهاء الهدنة التي مدتها 6 أسابيع، فإن باب المفاوضات سوف يبقى مفتوحا والهدنة مستمرة لحين الوصول لتسوية ترضى جميع الأطراف.
وقال “أبوعطيوي” إنه من الممكن أن تواصل إسرائيل ممارسة الضغوط العسكرية والدبلوماسية على حماس من أجل تأمين إطلاق سراح جميع المحتجزين الـ120 المتبقين، بمن في ذلك أربعة محتجزين منذ ما قبل الحرب الحالية، هذا في ظل أن حماس تطلب الانسحاب التام من محور فيلادلفيا ومن محور نتساريم، وعدم تواجد أي قوات للاحتلال داخل قطاع غزة وعودة كافة النازحين لديارهم وفك الحصار وفتح المعابر والبدء في مشاريع إعمار غزة.
وتابع: “هنا، وفي سياق ما سبق تبقى الكرة في ملعب إسرائيل من أجل انجاز صفقة تبادل الأسرى ضمن المقترح المعدل الذي قدمه الرئيس الأمريكي مسبقا، التوقعات المستقبلية كما قلنا تبقى مرهونة بموافقة إسرائيل بعد إرسال حركة حماس موافقتها للوسطاء على المقترح الأمريكي المعدل”.
وأضاف: “أما بالنسبة لإنجاز هدنة، فإنه بات من الضروري من كافة الأطراف ذات العلاقة، ومن الوسطاء، الضغط بشكل كبير للوصول إلى توافق يقود لاتفاق لتحقيق الهدنة، لأن اليوم نتحدث عن دخول الحرب والعدوان المستمر على قطاع غزة للشهر العاشر على التوالي في ظل أوضاع صعبة ميدانية وإنسانية، فأكثر من مليون و200 نازح فلسطيني يعيشون في خيام وسط ظروف إنسانية مأساوية صعبة للغاية، حيث لا طعام ولا ماء ولا دواء ولا غاز ولا كهرباء، هذا من جهة، إضافة إلى سقوط ما يقارب من 38 ألف شهيد للحظة، ناهيك عن الدمار العمراني للمباني السكانية التي طال نصف مباني قطاع غزة ما بين تدمير كلي وجزئي”.
وأكد: “فلهذا كله أصبحت الهدنة اليوم مطلبا ضروريا لكافة الأطراف، خصوصا لشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، حيث لا حياة، وحيث الموت الذي يخيم على كل الأماكن، بسبب القصف والمجازر واستمرار الإبادة الجماعية للشهر العاشر على التوالي دون أي أفق أو أي جديد، إن الوصول إلى هدنة وصفقة تبادل للأسرى يفتح الأفق للمستقبل القريب لاستعادة غزة عافيتها من جديد على قاعدة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأن حجم الدمار كبير وحجم الخسارة بكل صراحة لا يوصف ولا يقدر بثمن، لأن الخسارة هنا خسارة الإنسان الفلسطيني بكافة المقاييس الذي هو رأس مالنا الوطني”.
وأَضاف “أبوعطيوي” أن حركة حماس أبدت مرونةً في معالجة البندين 8 و14 بما يضمن استمرار المفاوضات حتى التوصل لوقف إطلاق النار الدائم.