إذا كانت مجانا فهذا يعني انك أنت السلعة !

هل فكّرت يومًا كم من دقيقة تضيع منك يوميًا على هاتفك المسمى ذكيا ؟

وهل جرّبت أن تجمع الساعات التي تذوب بين “فيسبوك” و”واتساب” و”تيك توك” و”إنستغرام”؟

في المغرب اليوم، صار كل واحد منّا يستيقظ وينام وهو يحمل العالم في جيبه … عالمٌ كامل مضغوط في شاشة صغيرة تصله بالعالم وربما تفصله عن عائلته وهنا المفارقة !.

هذه الشبكات التي يسمّونها “اجتماعية” و”ذكية”، هي في الحقيقة أكبر قوة تعيد تشكيل حياتنا وقيمنا ونمط تفكيرنا .

تعطيك إعجابًا افتراضيًا، لكنها تسرق منك وقتك الحقيقي.
تقربك من ملايين البشر، لكنها تبعدك عن نفسك، وعن أهلك، وعن مجتمعك القريب.

السؤال اليوم:
هل هذه الوسائل مجرد تسلية بريئة وتواصل اجتماعي وصور وتعليقات واخبار هنا وهناك ؟

أم أنها ماكينة كبرى لربح المال ولصناعة العقول، والتأثير على الشعوب، وتغيير نمط حياتهم من دون أن يشعروا ؟

مليارات البشر يستعملونها يوميًا عبر هواتف “ذكية”.
ميزتها الأولى أنها تخترق حدود الزمان والمكان.
لكنها ليست وسائل بلا تأثير…

إنها ليست كحافلة تركبها وتنزل منها كما دخلتها.

بل هي وسائل محمَّلة بمضامين تغيّر الثقافة والسلوك ونمط العيش …

هي ليست ترفيهًا، ولا حتى تواصلًا.
إنها بالأساس “بزنس” ضخم لشركات تملك أجندات اقتصادية، وسياسية، وثقافية، وحتى استخباراتية بعيدة المدى…

أجندات لا يراها إلا من يرفع رأسه عن الهاتف.

إذن، ما نحاول هنا فعله هو نزع السحر عن هذه الوسائل.
نريد أن نكشف جزءا من حقيقتها:

إنها أكثر من مجرد وسائط.
إنها بنية عقلية ونفسية تنتج مليارات الصور، النصوص، الفيديوهات، التعاليق، الموسيقى، والإعلانات كل يوم كل ساعة كل دقيقة .

هل هي مجانية؟
طبعًا لا!
إذا كنت تستعملها “بالمجان”، فهذا يعني أنك أنت السلعة.

🔹 السلعة الأولى: وقتك
الوقت الذي تمنحه للشبكات هو ما يُباع للمعلنين.
حيث يتحوّل وجودك من مشاهد إلى مستهلك.

🔹 السلعة الثانية: تركيزك
تستحوذ على انتباهك، وغالبًا على حساب العمل، الدراسة، النوم أو الحياة الاجتماعية.
كل واحد فينا له رصيد محدود من التركيز كل 24 ساعة… فانظر أين تصرفه.

🔹 السلعة الثالثة: معلوماتك
كل ما تمنحه يتحول إلى Big Data تُباع للشركات والحكومات والجيوش واجهزة الاستخبارات .

ولنأخذ مثالًا صارخًا:
تطبيق صلاة وأذان كان قد صممه مهندس باكستاني وُجد لاحقًا أنه باع بيانات مستخدميه للجيش الأمريكي، الذي استعمل هذه البيانات في حرب العراق لتعقب المقاتلين في الفلوجة الذين كانوا يستخدمون التطبيق لمعرفة القبلة ومواعيد الصلاة دون ان يعرفوا ان التطبيق يتعقبهم ويتجسس عليهم ويمد الجيش الامريكي بمواقعهم .

اعتذر أصحاب التطبيق بعد افتضاح الأمروقالوا إنهم باعوا البيانات لشركة وليس للجيش الامريكي …وما الفرق ؟… لكن بعد ماذا بعد ان سقط الكثير من الأبرياء في معارك لم يكونوا أطرافا فيها فقط لأنهم كانوا يصلون في الوقت صلواتهم الخمسة ؟

شبكات التواصل فضاء عمومي بملكية خاصة.
تطوره الشركات باستمرار بهدف واحد:
أن تبقيك أطول فترة ممكنة ملتصقا بالشاشة والتطبيق ، إلى أن تصل للإدمان.

والإدمان له علامات:
أولها الشعور بالألم عند الابتعاد عن هذه الوسائل، وصعوبة الإفلات من قبضتها.

أوهام منصات التواصل الاجتماعي

1.الحرية: نسبية إلى أبعد حد، خاصة عندما تمس قيم الغرب.
مثلًا: في الموضوع الفلسطيني.حيث تحجب إدارة هذه المنصات المنشورات التي تتحدث عن الإبادة الجماعية في غزة وتكافئ المجرم نتانياهو
خذ مثال “تويتر”… كيف بلّغ عن أصحاب الحسابات المجهولة التي غرّدت ضد سلطات عربية.
وكيف قدّم هوياتهم الحقيقية لأجهزة المخابرات في السعودية، فاعتُقل الناس نتيجة هذه المعلومات.

  1. المشاركة: هناك وهم أن هذه المنصات تتيح المشاركة والمساهمة أكثر من التلقي.
    وهذا وهم.لان المهندس هو الذي يتحكم في الخوارزميات ومستوى ظهور هذا المحتوى او ذاك هناك مشاركة لكنها متحكم فيها ومدروسة ولها حدود …
  2. الخصوصية: لا خصوصية إطلاقًا في هذه المنصات.
    كل بصمة رقمية تضعها عليها تبقى… وتُستعمل… وتُوظّف وتباع

الخلاصة:
هذه الوسائل ليست لعبًا ولا ترفيها ولا تواصلا فقط … إنها مصنع ضخم للعقول، يوجّه حياتنا وقيمنا، بينما نحن نظن أننا نتحكم فيها هي التي تتحكم فينا .

شاهد أيضاً

تشويه ممنهجة على منصات التواصل الاجتماعي ضد الصحفي يونس أفطيط

تعرض الصحفي المغربي يونس أفطيط، خلال الساعات القليلة الماضية، إلى حملة تشويه ممنهجة على منصات …

لتغطية انشطتكم انفا بريس بوجدة

اترك تعليقاً