دراسة علمية: تلوث المياه الجوفية بوجدة يهدد بانتشار الكوليرا والتيفوئيد

كشفت دراسة علمية حديثة أن المياه الجوفية في سهل أنكاد، الواقع شمال شرق المغرب والذي تعتمد عليه مدينة وجدة بشكل كبير، تعاني من تلوث كيماوي وبكتيري يجعل جزءا كبيرا منها غير صالح للاستهلاك البشري وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية.

الدراسة، التي نشرت بتاريخ 21 يوليوز 2025 تحت عنوان “تقييم تلوث المياه الجوفية باستخدام مؤشر PIG والمؤشرات الميكروبيولوجية في سهل أنكاد، المغرب (Assessment of groundwater pollution using PIG index and microbiological indicators in the Angads plain, Morocco)،  نُشرت في مجلة “Scientific Reports” دقت ناقوس الخطر حول الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية هذا المورد المائي الحيوي.

قاد فريق البحث وليد بوكيش، الباحث في مختبر تحسين الإنتاج الفلاحي والتكنولوجيا الحيوية والبيئة بكلية العلوم بجامعة محمد الأول بوجدة، بالتعاون مع فريق متعدد التخصصات من نفس الجامعة ومؤسسات دولية.

وضم الفريق كلا من رحاب بن طاهر، والخضير غريبي، ومحمد محجوب، وبشرى الكروج، ويوسف اسميري من جامعة محمد الأول، بالإضافة إلى محمد بورحية من شركة Swalife Biotech في أيرلندا، وجمال الشاذلي من جامعة الملك سعود بالرياض، ومصعب ضوء البيت من جامعة بحر الغزال بجنوب السودان.

وأجرى الفريق حملتي أخذ عينات في عام 2023، شملت 45 بئرا خلال الموسمين الرطب والجاف لتقييم شامل لجودة المياه.

على الصعيد الكيماوي، ورغم أن مؤشر تلوث المياه الجوفية (PIG) صنف أكثر من 80 في المائة من العينات ضمن فئتي “التلوث غير الهام” و”المنخفض”، إلا أن التحاليل التفصيلية أظهرت أن غالبية تركيزات الأيونات، مثل الأملاح الذائبة الكلية (TDS) والكلوريد والصوديوم، تجاوزت الحدود التي توصي بها منظمة الصحة العالمية.

ولوحظ أن مستويات التلوث الكيماوي تزداد بشكل عام خلال موسم الجفاف.

وسجلت الدراسة أن ما يقرب من نصف العينات تحتوي على تركيزات من النترات تتجاوز المعايير الصحية، خاصة في المناطق الجنوبية وحول مدينة وجدة، مما قد يشكل خطرا صحيا يتمثل في أمراض مثل “متلازمة الطفل الأزرق”.

أما على الصعيد الميكروبيولوجي، فكانت النتائج أكثر إثارة للقلق، حيث كشفت التحاليل عن وجود تلوث بكتيري واسع النطاق، فقد تم العثور على مؤشرات تلوث برازي، بما في ذلك القولونيات البرازية (FC)، والقولونيات الكلية (TC)، والمكورات المعوية (IE) في معظم الآبار التي تم فحصها.

وأظهرت النتائج أن غالبية عينات المياه الجوفية تتجاوز الحد المسموح به لهذه الجراثيم (صفر وحدة تشكيل مستعمرة لكل 100 مل)، مما يجعلها غير صالحة للشرب بشكل مباشر وقد تسبب أمراضا معوية خطيرة مثل الكوليرا والتيفوئيد.

وأرجعت الدراسة أسباب هذا التلوث إلى مزيج من العوامل الطبيعية والبشرية، فمن ناحية، يساهم التكوين الجيولوجي للمنطقة في زيادة ملوحة المياه عبر ذوبان الصخور. ومن ناحية أخرى، تلعب الأنشطة البشرية دورا رئيسيا، حيث إن الممارسات الزراعية المكثفة التي تعتمد على الاستخدام المفرط للأسمدة، بالإضافة إلى غياب شبكات الصرف الصحي في بعض المناطق وتسرب مياه الصرف من خزانات التحليل، تؤدي إلى تفاقم التلوث.

شاهد أيضاً

صورة العدد لرسالة الشرق بوجدة

قيادة بوغريبة اقليم بركان .قائد جديد وانفتاح على الساكنة وتوجيهها اداريا

خدمات القرب وتبسيط المساطر الادارية بقيادة بوغريبة اقليم بركان جعلت الساكنة في تواصل دائم مع …

اترك تعليقاً