واضح أن عامل سطات فهم بشكل أعوج الجدية التي دعا إليها الملك بعد أن بهدل المدير الإقليمي للتعليم في اجتماع رسمي، وأشبعه سبًّا بكلمة تبين أن العامل يعشقها كثيرًا ويدمن على استعمالها وهي “الزمر”.
قد يكون المدير الإقليمي مُقصِّرًا فعلًا في عمله، لكن التقريع يجب أن يصدر بناءً على تقرير من السلطة، من وزير التربية السي برادة المشغول بتهجئة الإنشاء بمجلس النواب والمسارِية في المجالس الإدارية للأكاديميات، وأن يتجه مباشرة نحو المفتش العام للوزارة السي اقوضاض الذي يبدو أنه خلد للبيات الشتوي من جديد رغم كل الفضائح التي تسيل من القطاع.
العامل تصرف وكأنه حاكم مطلق، ونسي أن مهمته مؤطرة بالقانون، وتنحصر في التنسيق فقط، وأن حنكة اليد تظهر في النزول للميدان وتتبع المشاريع، عوض التشرميل اللغوي في الاجتماعات ضمن “نفخة” و”عياقة” استبدت بعدد من الولاة والعمال.
العامل الذي كشف أن المفهوم الجديد للسلطة بقي مجرد عنوان رغم أنه ورد في تعليمات ملكية، كان عليه بدل ذلك أن يخرج دون استعراض وبهرجة ولا بروتوكول ليعاين كيف تغرق عدد من جماعات سطات في الفقر والتهميش، بعد أن توقفت فيها عجلة الزمن منذ الثمانينيات.
السي العامل ومن معه، عليه أن يخرج من رفاهية المكاتب المكيفة ليعاين الوجه القبيح لهوامش المدينة..
كما عليه أن يعاين كيف يعيش الناس في مدينة سطات التي صارت مثل “فيلاج” كبير بعد أن تكالب عليها رهط من المنتخبين والمسؤولين الفاسدين، تمامًا كما هو حال مدينة الصويرة وسلا اللتين صارتا مثل مدن بدون ملامح بعد تبديد عشرات الملايير في صفقات فاسدة ومغشوشة بداعي التأهيل.
الغريب أن بعض العمال يصنعون من أنفسهم ملائكة، رغم أن بعضهم ترك إرثًا أسود من الفضائح بمؤسسات عمومية بشهادة المجلس الأعلى للحسابات.
قذائف الزمر التي خرجت من فم عامل سطات، وفوق أنها “حكرة” واضحة ومحاولة استعراض للعضلات، تبقى رسالة جد سلبية تؤكد أن بعض الولاة والعمال يتعاملون كما لو أنهم قياد في زمن “السيبة” بدل احترام المؤسسات وتكريس ثقة المواطن فيها.
بمناسبة “الزمر”، نقول إن عيون الداخلية لا تنام… نعم، لكن أنفها ربما يخطئ رائحة الفساد، والاختلالات الخطيرة التي راكمها عدد من مسؤولي الإدارة الترابية، والتي صنعت فضائح، واحتجاجات وشكايات، وكتبت بشأنها عشرات المقالات الصحفية التي نبهت للزمر الذي يقومون به.
مهمة المسؤولين وخاصة منهم الولاة والعمال الذين يبقون في معادلة غير مفهومة خارج دائرة المساءلة رغم تدبيرهم لمئات الملايير، هي إيجاد الحلول لا الاستعراض أمام الهواتف النقالة في اجتماعات رسمية.