من يشتكي من؟… شكاية مجاهد تُعرّي أزمة أكبر من المهداوي

قدّم يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر في المغرب، صباح الثلاثاء، شكاية رسمية إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط ضد الصحافي حميد المهداوي، مدير نشر موقع “بديل”.
خطوة لم تُقرأ باعتبارها إجراءً قانونياً فحسب، بل بوصفها دلالة على توتّر مؤسسي أعمق داخل هيئة يُفترض أن تشكّل مرجعية أخلاقية للمشهد الإعلامي.

وكشفت مصادر إعلامية أن الشكاية تستند إلى فصول تتعلق بـ“إفشاء السر المهني”، مطالِبة بسحب الفيديو المسرّب لاجتماع لجنة الأخلاقيات. غير أن الجدل لم يلبث أن انتقل من سؤال قانونية النشر إلى سؤال أشد حساسية: ماذا كشف التسجيل عن طريقة اشتغال اللجنة؟

فالتسجيل، بلغة المتحاورين ونبرة النقاش وطبيعة المداولات، لم يقدّم مجرد لحظة داخل اجتماع مهني، بل بدا كنافذة تُطل على ثقافة مؤسساتية ما زالت تعاني من غياب الانضباط وافتقاد شروط الحياد.
وهكذا بدا اللجوء إلى القضاء أقرب إلى محاولة لاحتواء الأزمة، لا إلى معالجة الأسئلة التي أثارها التسريب.

في الجهة الأخرى، عبّر عدد من الصحافيين المتضررين من قرارات اللجنة عن استيائهم مما وصفوه بـ“اختلالات مسطرية” تؤثر في نزاهة مسار اتخاذ القرار.
وكشفت مصادر قريبة من الملف وجود تحركات نقابية وحقوقية تطالب بإعادة النظر في تركيبة اللجنة وآليات عملها، معتبرة أن ما ظهر في الفيديو يتجاوز نطاق “سرية المداولات” ليكشف منهجية لا تنسجم مع استقلالية مؤسسات الضبط الإعلامي.

وخلال جلسة برلمانية، حاول وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، تقديم خطاب مطمئن، مؤكداً أن الحكومة تعمل على “تقوية المؤسسات” والحفاظ على مسار إصلاح متوازن.
لكن الخطاب لم يُجب عن السؤال الجوهري الذي طرحه التسجيل بحدة:
كيف يمكن تقوية مؤسسة بينما المداولات داخلها تُدار بتلك الطريقة؟
وكيف لهيئة تُحاكم الآخرين باسم الأخلاق أن تتجاهل انعكاس صورتها في مرآة التسريب؟

الحلقة التي بثّها المهداوي، والتي تجاوزت الساعة، عمّقت النقاش بعدما عرض روايته الخاصة، متحدثاً عن “استهداف” وورود أسماء لمسؤولين قضائيين داخل التسجيل.
هذا المعطى رفع منسوب التوتر، وأدخل الملف في منطقة حساسة تتعلق بتقاطع السلطة المهنية والسلطة القضائية.

بهذه الخلفية، لم تعد القضية مجرّد خلاف حول نشر فيديو، بل تحوّلت إلى مرآة واسعة تكشف الأعطاب البنيوية في المنظومة الإعلامية المغربية:
منطق اتخاذ القرار، ثقافة التدبير، وحدود استقلالية الهيئة التي تضطلع بدور الحكم في أخلاقيات المهنة.

وعندما تصل لجنة الأخلاقيات إلى لحظة ترفع فيها شكاية، بينما تُواجَه داخلياً باتهامات بخرق الأخلاقيات نفسها، يصبح واضحاً أن الإشكال يتجاوز بكثير اسم المهداوي.

المشكل الحقيقي هو ما كشفه المهداوي.
وبين شكاية تُرفَع باسم القانون، وتسريب يُرفَع باسم الحقيقة، يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً أمام الرأي العام المحلي والمراقبين الدوليين لحرية الصحافة:

من يحمي أخلاقيات المهنة… عندما تصبح الهيئة نفسها بحاجة إلى من يحميها؟

شاهد أيضاً

“عاصفة تهزّ المجلس الوطني للصحافة… فيديوهات المهدوي تفتح باب الجحيم على لجنة داخلية وتربك مؤسسات الدولة!”

—هيئة التحرير_جريدة أفريقيا بلوس ميديا قضايا مهنية وإعلامية / أخلاقيات الصحافة / فضائح تنظيميةتعلن جريدة …

الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني: بيان للرأي العام حول تسريب فيديو يتضمن الإخلال بمسؤولية التنظيم الذاتي للمهنة

تابعت الكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني ما تضمنه فيديو تم نشره على قناة يوتيوب …

اترك تعليقاً