الرسالة موقع إخباري متنوع
مقالات مشابهة
■ مصطفى منجم
باتت ملاعب القرب التي تدخل في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على الصعيد الوطني وخاصة على مستوى مدينة الدار البيضاء مصدرا للربح والاسترزاق من قبل بعض الأشخاص المنتمين لجمعيات تابعة لبعض الأحزاب بشكل غير معلن عنه، الأمر الذي أَحْنَقَ جمعيات وهيئات حقوقية تعمل على متابعة ومراقبة المالية العمومية.
وحسب معطيات تتوفر عليها الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، فإن هذه الأخيرة توصلت بعدة شكايات مفادها استحواذ وسيطرة بعض الأشخاص على الملاعب وسط أحياء مدينة الدار البيضاء بمقابل مادي، إذ أصبحت تسعيرة هذه الفضاءات تتجاوز سقف 100 درهم حسب المنطقة.
وفي هذا الحوار قدم محمد عماري، نائب المنسق الجهوي لجهة الدارالبيضاء-سطات للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، ما يملكه من معلومات ومعطيات حول موضوع “استغلال ملاعب القرب من قبل المنتخبين”، بعدما أصبحت ظاهرة تقض مضجع أطفال وشباب مدينة الدار البيضاء على وجه الخصوص.
وفيما يلي نص الحوار كاملا:
1- انتشار ملاعب القرب يهدف إلى تشجيع الأجيال الصاعدة على ممارسة الرياضة وتجنب الانحراف والإدمان، لكننا نلاحظ بالمقابل تزايدا في نسبة الجريمة واتساعا في دائرة الانحراف، كيف تفسر ذلك؟
إنّ ملاعب القرب ليستْ مجرّدَ مرافق رياضية، بل هي استثمارٌ في مستقبلِ الشباب المغربي، وإهتمامُ المملكة بالتنمية البشرية، خاصةً في مجالِ الشباب، وتُعدّ بناء وتجهيز ملاعب القرب في المجالين الحضري والقروي أحدَ المشاريعِ التي تندرجُ في إطارِ هذه الجهود.
حيثُ تهدفُ إلى توفيرِ فضاءاتٍ رياضيةٍ آمنةٍ ومجانيةٍ للشباب لممارسةِ الرياضة وقضاءِ أوقات الفراغ في بيئةٍ صحيةٍ وسليمةٍ، وتعزيزِ الممارسة الرياضية بينَ جميعِ فئاتِ المجتمع، كما تُساهمُ في اكتشافِ المواهب الرياضية بينَ الأطفال والشباب وصقلِ مهاراتهم.
وتساعد في تعزيزِ الاندماجِ الاجتماعي بينَ الشباب، خاصةً في المناطقِ الهشة. وذلك من خلالِ توفيرِ فضاءاتٍ للقاءِ والتواصلِ والتفاعلِ بينَ مختلفِ الفئاتِ العمرية، ولعبت رغبة المملكة في ترشّحُ بلادنا لمونديال 2030 دورًا مهما في تسريعِ وتيرةِ بناءِ هذه الملاعب حيثُ تُعدّ أحدَ المكوناتِ الأساسيةِ للبنية التحتيةِ الرياضيةِ التي يجبُ أن تتوفّر لتعطي انطباع الزوار بأنه بلد رياضي يهتم بتنمية مهارات أبناءه.
2- ما تقييمكم لتدبير ملاعب القرب بمدينة الدار البيضاء؟
بما أن ملاعب القرب تعتبر من المرافق العمومية التي تدخل في مسؤولية الجماعات المحلية، والمؤسسات المنتخبة نلاحظ أن المتحكم في تفويض تدبير ملاعب القرب هو الانتخابات المقبلة دون مراعاة الأبعاد الاجتماعية التي تحكمت في بناء هذه المرافق.
هنا يجب أن أذكر بأن المنسقية الجهوية لجهة الدار البيضاء سطات للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب قد توصلت بالعديد من التظلمات بشأن احتكار ملاعب القرب وحرمان شباب الأحياء الشعبية من فرصة ممارسة الرياضة وقضاء أوقات فراغهم في بيئة مناسبة وتفويت تدبير هذه المرافق إلى جمعيات الأعمال الاجتماعية لموظفي الجماعات المحلية وجمعيات تدين بالولاء للمنتخبين المتواطئين، وهو ما يحرم البلاد من طاقات ومهارات تُهدر سُدا ويتم تعطيها.
وللتذكير فأن معظم اللاعبين الكبار مروا من الاحياء الشعبية كمارادونا وبولي وعدد كبير من اللاعبين البرازيليين وحتى عندنا هناك أسماء الكبيرة كالعربي بن مبارك (الجوهرة السوداء) وشيشا.
3-استفادة الممارسين من ملاعب القرب هي مجانية في الأصل، ما رأيكم في طريقة الاستفادة من خدمتها حاليا عن طريق تحصيل مقابل مادي؟
كرة القدم موجهة للفقراء وليس للاستثمار، وقد جعل منها المشرفين على تدبير ملاعب القرب مصدرا للربح والاغتناء وقد وصلت “التسعيرة” في مدينة الدار البيضاء ونواحيها ما بين 100 درهم إلى 800 درهم للساعة الواحدة في بعض الملاعب.
فحسب الجريدة الرسمية عدد 6722 التي تتضمن قرار مشترك بين وزير الشباب والرياضة ووزير الاقتصاد والمالية رقم 2928.29 الصادر 17 سبتمبر 2018، والذي يقضي بأن الولوج إلى القاعات الرياضية والمراكز السوسيو رياضية للقرب أصبح مجانا، ولم يعد مسموح استخلاص الواجبات المنصوص عليها في القرار السابق، وذلك تحت طائلة المساءلة القانونية، بهدف توسيع قاعدة الممارسين ودمقرطة الولوج الى الخدمات التي تقدمها هذه المرافق.
وهنا نتساءل عن السند القانوني لاستخلاص واجبات الاستفادة من خدمات ملاعب القرب، وكما تعلمون فإن استخلاص أموال بدون وجه حق جريمة يعاقب عليها القانون، كما أن الهيئة تعتبره نهبا للمال العام وتطالب وزارة الداخلية والسلطات القضائية بفتح تحقيق فوري لكشف مصير الأموال المستخلصة، وتحديد المسؤولين عن استغلالها، لضمان محاسبة كل المتورطين والمتواطئين للحد من التطاول على هذه المرافق العمومية ذات الطابع الاجتماعي.
