✍️ بقلم: الملياني رضى
12.12.2025
في زحمة الفوضى، حين تتناثر الأصوات وترتفع رائحة الخوف، يبقى هناك شخص يقترب من الحقيقة بدل أن يهرب منها. يقف خلف عدسة كاميرا قد تلطخت بآثار المعارك، لا لأنها مجرد آلة، بل لأنها شاهدة على تضحيات لا يراها أحد… تضحيات الصحفي الذي يتقدّم نحو الخطر ليجعل العالم يرى ما لا يريد الكثيرون أن يرى.
ليست الكاميرا المضرّجة سوى رمز لثمنٍ يدفعه الصحفي يوميا؛ ثمن الحقيقة. آلة جامدة تحولت إلى سجل للوجع الإنساني، ولحظة صمت بين الموت والحياة، لحظة يقرر فيها الصحفي أن يواصل التصوير رغم الارتجاف الذي يوشك أن يوقف نبض أصابعه.
الصحفي ليس جنديا، ولا يحمل سوى قلمه أو كاميرته، لكنه يقف في الصفوف الأولى، في مواجهة نار لا تفرق بين مقاتل وموثق. ولذلك، فإن التضحية هنا ليست مجرد كلمة تكتب في نهاية تقرير، بل هي حياة كاملة تعلق بين المهنة والرسالة.
كل صورة تنشر، وكل خبر يذاع، يحمل خلفه روحا راهنت على الإنسانية، وتركت خلفها خوفها الشخصي كي تمنح الآخرين حق المعرفة. هذه التضحية هي ما يجعل الصحافة واحدة من أنبل المهن وأخطرها في آن واحد.
في زمن تتغير فيه الحقائق وتشوّه الروايات، يظل الصحفي هو العين الأخيرة التي تلتقط الحقيقة قبل أن تطمس، وهو الصوت الذي لا يزال يصر على قول ما يجب أن يقال. قد تتلوث الكاميرا، وقد يرتعش القلم، لكن الإرادة تبقى ثابتة… لأن الصحفي يدرك أن الحقيقة كثيرا ما تحتاج دما لتصل، وأن رسالته أكبر من جسده وأقوى من خوفه.
إنها تضحية لا ترى، لكنها تشعر العالم بالنبض الإنساني في قلب كل مأساة.
الرسالة موقع إخباري متنوع