علمي: لا حوار دون تنفيذ الالتزامات
جريدة الصباح
قيادي الكنفدرالية قال إن تجار الأزمات راكموا الثروات على حساب أغلبية المغاربة
أكد خالد علمي لهوير، نائب الكاتب العام للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، أن الدخول الاجتماعي الحالي يأتي في سياق استمرار تدهور الأوضاع الاجتماعية وارتفاع الأسعار والغلاء غير المسبوق في المحروقات والمواد الأساسية. وطالب علمي في حوار مع “الصباح” بضرورة احترام الالتزامات وتنزيل الاتفاقات، مؤكدا أن الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة تبقى غير كافية لمعالجة تدهور القدرة الشرائية لعموم المواطنين. في ما يلي نص الحوار:
أجرى الحوار: برحو بوزياني
< لا بد من التذكير بأن الكنفدرالية خاضت احتجاجات وطنية وجهوية، احتجاجا على ارتفاع أسعار المحروقات، وتعطيل عدد من المبادرات والتدابير من شأنها المساهمة في الحد من تفاقم الأوضاع الاجتماعية، ومن بينها إعادة تشغيل مصفاة “سامير”. وتم إغلاق الحوار الاجتماعي منذ 2019 ورفضت الكنفدرالية التوقيع على الاتفاق الاجتماعي، بسبب عدم تنفيذ الالتزامات الحكومية في 2011، ومن بينها رفع “السميك والسماك”، وإحداث الدرجة الجديدة في الوظيفة العمومية، والمصادقة على اتفاقية 87 الخاصة بالحريات النقابية، وإفساد الانتخابات المهنية باستعمال المال والتلاعب في انتخابات المناديب. كل هذه الأوضاع كانت موضوع احتجاج الكنفدرالية منذ 13 فبراير الماضي، وحملناها إلى اللقاء مع رئيس الحكومة في مارس الماضي.
واليوم يأتي الدخول الاجتماعي في سياق استمرار تدهور الأوضاع الاجتماعية وارتفاع الأسعار والغلاء غير المسبوق في المحروقات والمواد الأساسية، والذي مس أيضا كل مستلزمات الدخول المدرسي، ورفع تكاليف التمدرس لدى أغلب الأسر.
كل هذه العوامل ساهمت في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين عامة والطبقة المتوسطة التي تم تدميرها، وهذه الوضعية جاءت في العديد من التقارير الرسمية حول ارتفاع مديونية الأسر.
ونعتبر في الكنفدرالية تعاطي الحكومة مع هذه الأوضاع نوعا من الاستفزاز، إذ استمرت اللوبيات وتجار الأزمات في مراكمة الثروات على حساب الأغلبية الساحقة من المغاربة.
< للأسف، لم تتجاوب الحكومة مع مطالبنا، ورفضت التعاطي مع مقترحات قوانين الكنفدرالية بشأن تحديد أسعار المحروقات وإعادة تشغيل “سامير”. كما سجلنا موقفا سلبيا لمجلس المنافسة في التعاطي مع الملف، الذي أحالته عليه الكنفدرالية منذ 2019. فلم تكن هناك مبادرات وإجراءات حكومية لدعم القدرة الشرائية للمواطنين، ومواجهة تغول شركات المحروقات، التي راكمت أرباحا خيالية، في الوقت الذي بادرت العديد من الحكومات عبر العالم إلى اتخاذ تدابير لدعم القدرة الشرائية لمواطنيها، من قبيل فرض ضرائب على الشركات ودعم القدرة الشرائية وتخفيض الضرائب.
ونعتبر أن كل البرامج التي اتخذتها الدولة من قبيل دعم المقاولات المتضررة من “كوفيد 19” بهدف الحفاظ على مناصب الشغل، وتخصيص غلاف مالي لمحاربة تداعيات الجفاف، وغيرها من البرامج، لا تنفذ بالطريقة التي تجعلها قادرة على معالجة الاختلالات، كما نسجل وقوع تلاعبات فيها من قبل “قطاع الطرق” الذين يحولونها لصالحهم.
< تضمن اتفاق 30 أبريل الماضي العديد من الالتزامات ظلت مغيبة وغير مفعلة منذ 2011، مثل توحيد “السميك” و”السماك”، وزيادة 10 في المائة في الحد الأدنى للأجر، ورفع الحد الأدنى للأجر في الوظيفة العمومية، إلى 3500 درهم.
ولا يمكن للحكومة أن تبرر ارتفاع الأسعار بالأوضاع الدولية وعوامل الجفاف، ونعتبر أن الإجراءات التي أعلنت عنها تبقى غير كافية لمعالجة تدهور القدرة الشرائية لعموم المواطنين.
< تم التوقيع على ميثاق اجتماعي في أفق الانتقال إلى قانون إطار للحوار الاجتماعي، يفضي إلى المأسسة التي تحدد أجندة جولات الحوار وآليات التنزيل على جميع المستويات المحلية والجهوية والوطنية والقطاعية، لأن الحوارات السابقة منذ 1996، كانت تأتي نتيجة ضغوطات موازين قوى، أو احتجاجات أو سياق وطني أو دولي. فلم يكن الحوار دوريا وممأسسا وفق آليات مدققة، واليوم سنختبر إرادة الحكومة ومدى احترامها للميثاق، والتأكيد على ضرورة التفاوض بشأن كل القوانين والتشريعات الخاصة بكل ما هو اجتماعي، وستكون ملزمة بمناقشة جميع الملفات داخل مؤسسة الحوار الاجتماعي، عوض أن يخضع لمزاج رئيس الحكومة.
< نرى أن مشروع القانون المالي المقبل، يجب أن يتضمن إجراءات وتدابير اجتماعية لفائدة الطبقة العاملة، من قبيل تخفيف الضغط الضريبي، ووضع سياسات اجتماعية تضمن الحد الأدنى للعيش الكريم، ومراجعة جذرية للنفقات الجبائية، عبر إنهاء حالات الإعفاء الضريبي الجزئي أو الكلي لبعض القطاعات، وفرض ضريبة على الثروة وتضريب الشركات التي تحقق أرباحا كبرى، عملا بمبدأ المساهمة التضامنية.
لقد صوتت الكنفدرالية ضد القانون المالي السابق، لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار واقع الأزمة، ولم يعالج الاختلالات، بل استمر في تقديم إعفاءات وهدايا لرجال المال والأعمال، على حساب القدرة الشرائية المتدهورة لأوسع الفئات. وننتظر أن يأخذ القانون المالي الجديد التزامات الحوار الاجتماعي، ويساهم في تخفيف أعباء الأزمة على المواطنين المكتوين بلهيب الغلاء وارتفاع الأسعار.
< نعتبر أن القضايا الأساسية التي يجب الانكباب عليها في الجولة الحالية هي دعم القدرة الشرائية، ورفع الأجور وإيقاف مسلسل ارتفاع الأسعار، ومحاربة الريع والفساد، الذي يضيع على خزينة الدولة ملايير الدراهم. كما يجب إعطاء إشارة قوية باحترام الالتزامات الاجتماعية، وحل نزاعات الشغل، ووقف عمليات طرد النقابيين، وإنهاء عدد من ملفات نزاعات الشغل في عدد من المدن، والعمل على فرض تطبيق القانون واحترام الاتفاقات الاجتماعية من قبل أرباب العمل.
تعميم الحوار القطاعي
< هناك تقدم في الحوار في العديد من القطاعات مثل التعليم والصحة. ونحرص أن تشمل جميع القطاعات من أجل توفير مناخ اجتماعي سليم. وأما عن موقف الكنفدرالية في حال عدم التوصل الى اتفاقات، فسنكون، كما تعاملنا في 2011، على استعداد لخوض معارك واحتجاجات نضالية، لفرض تنفيذ الالتزامات. فلا معنى للحوار الاجتماعي، إذا لم تحترم الاتفاقات وتنزيل الالتزامات بشكل سليم، من قبيل احترام “السميك والسماك”. إن كل القضايا والملفات الاجتماعية يجب أن تمر عبر مؤسسة الحوار الاجتماعي والتوافق حول المشاريع، عوض تمريرها بالاعتماد على القوة العددية والأغلبية البرلمانية، كما دأبت الحكومات السابقة على التعامل مع قوانين تهم عالم الشغل.
إن الحكومة اليوم أمام امتحان تنفيذ الالتزامات، واحترام الحريات النقابية، وتحسين ظروف العيش، وإيقاف مسلسل الغلاء الذي يعمق معاناة المغاربة.