الجواب الشافي حول مخالفات الرادار المتحرك

بسم الله الرحمن الرحيم

نحن أمام نازلة تتعلق بمدى شرعية المحاضر المحررة بناءً على معاينة مخالفات السرعة باستخدام الرادار المتحرك الذي يستعمله اعوان المراقبة الخاصين بالسير من الشرطة و الدرك. ومن خلال الوقائع والأحكام القانونية الواضحة، يتضح أن هناك خلطًا كبيرًا في تطبيق النصوص القانونية من قبل بعض محرري المحاضر، مما أدى إلى إبطال العديد من المحاضر القضائية.

أولاً: الإطار القانوني لاستخدام الرادار المتحرك

وفقًا للمادة 194 من مدونة السير، فإنه يلزم أن يكون الشخص الذي يستعمل الرادار ويعاين المخالفة هو نفسه الذي يحرر المحضر. كما تنص المادة 196 على أن المخالفة يجب أن تُحرر في مكان معاينتها. هذه النصوص واضحة ولا تحتمل التأويل، حيث إن المعاينة يجب أن تكون مباشرة من قبل محرر المحضر، وأن يتم تحرير المحضر في نفس المكان الذي تمت فيه المعاينة.

أما المادة 197، فإنها تتحدث عن الرادار الذي يعمل بطريقة آلية اي أوتوماتيكية في غياب محرر المحضر، وهذا لا ينطبق على الرادار المتحرك الذي يستخدمه الدرك الملكي. فالرادار المتحرك يتطلب وجود محرر المحضر لمعاينة المخالفة وتحرير المحضر، و هو وسيلة ذكرتها المادة 12 من المرسوم 2-10-419 ، حيث اعتبرت الرادار وسيلة معاينة يجب أن يستعملها محرر المحضر بنفسه.

ثانيًا: مفهوم المعاينة في القانون

المعاينة، كما نصت عليها المادة 70 من قانون الدرك الملكي والمادة 24 من قانون المسطرة الجنائية، تعني ما جمعه محرر المحضر أو ما يرجع لاختصاصه. وبالتالي، فإن المعاينة يجب أن تكون مباشرة ومن قبل محرر المحضر نفسه، سواء بالعين المجردة أو باستخدام الوسائل التي نص عليها المشرع، مثل الرادار المتحرك.

ومن الغريب أن بعض محرري المحاضر يخلطون بين محاضر الجنح والجنايات، التي تتطلب جمع جميع الأدلة، وبين المعاينات التي تتطلب فقط ما عاينه محرر المحضر دون زيادة أو نقصان. وقد أبطلت عدة أحكام قضائية محاضر الضابطة القضائية لأن محرريها لم يعاينوا الوقائع بأنفسهم، كما في أحكام محكمة القنيطرة، محكمة زاكورة، ومحكمة ورزازات.

ثالثًا: إشكالية تحرير المحاضر بناءً على الرادار المتحرك

عندما يحرر الدركي محضرًا بناءً على معلومات واردة عبر تطبيق واتساب او هاتفه النقال او حتى جهاز الراديو ، ويسجل في المحضر أنه عاين واستعمل الرادار، فإنه يقع في شبهة الكذب في محضر رسمي، وهو ما يعاقب عليه القانون الجنائي. فالرادار اليدوي ليس آليًا، ولا يدخل في نطاق التقييدات الإلكترونية التي تتحدث عنها المادة 197 والمادة201 و 202. بل إن المادة 12 من المرسوم 2-10-419 تعتبر الرادار وسيلة معاينة يجب أن يستعملها محرر المحضر بنفسه.

رابعًا: التمييز بين الرادار الثابت والمتحرك

المادة 15 من المرسوم 2-10-419 تحسم الأمر بتقسيم الرادارات إلى قسمين: الثابت والمتحرك. الرادار الثابت هو الذي يدخل في نطاق المخالفات الآلية التي تتحدث عنها المادة 197، وهو من اختصاص وزارة التجهيز والنقل. أما الرادار المتحرك، فهو من اختصاص الدرك الملكي و الشرطة ، ولا يدخل في نطاق التقييدات الإلكترونية التي تتحدث عنها المواد من 197 إلى 206 .

خامسًا: حق المواطن في المعاينة

المواطن لا يحتاج إلى رؤية المخالفة حينما يتم ايقافه من اجل تحرير مخالفة تجاوز السرعة بقدر ما يحتاج إلى رؤية وسيلة معاينتها المذكورة في المادة 12 من المرسوم 2-10-419 . كيف يعقل أن تتهم مواطنًا بتجاوز السرعة المحددة في 60 كم/ساعة، بينما يتم إيقافه في مجال مسموح فيه بالسرعة حتى 100 كم/ساعة، دون أن تُريه أداة معاينة هذه المخالفة ؟!
و كيف يعقل ان تنصب الرادار في نقطة و توقف السائق في نقطة ابعد مع احتماله ان يغير مساره او ان يتوقف في نقطة قبل وصوله نقطة المراقبة لتحرير المحضر؟! كيف سيبرر العون المراقب تلك المخالفة للإدارة ، المخالفة التي تم تسجيلها بالرادار لكن أداءها غائب؟

سادسًا: المادة 52 من المرسوم 2-10-419 وتوضيحها

تنص المادة 52 على ما يلي:
تحدد، كما يلي، قائمة المخالفات التي يمكن معاينتها وإثباتها باستخدام أجهزة تقنية تعمل بطريقة آلية، حتى في حالة عدم وجود محرر المحضر بمكان المخالفة، تطبيقًا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 197 من القانون رقم 52.05:

  1. تجاوز السرعة القصوى المسموح بها.
  2. قطع خط متصل.
  3. التجاوز المعيب.
  4. عدم احترام الوقوف المفروض بعلامة (قف) أو بضوء التشوير الأحمر (Stop).
  5. عدم مطابقة صفائح التسجيل لخصائص وشروط التثبيت المنصوص عليها في النصوص الجاري بها العمل.

مما يدل على أن الذين يستدلون بالمادة 197 لتحرير المخالفات مع غياب محرر المحضر في حالة الرادار الآلي هم مخطئون، لأن الرادار في المادة 197 نقصد به الرادار الثابت، والمختص هنا هي وزارة التجهيز والنقل. والدليل على ذلك أن الرادار يمكن أن يرصد مخالفات كثيرة، ولكن في حالة الرادار المتحرك، يجب أن يكون محرر المحضر حاضرًا لمعاينة المخالفة وتحرير المحضر فكيف سيمكن تحرير مخالفة التجاوز المعيب برادار متحرك .

أضف إلى ذلك ان الرادار يجب ان يكون مثبتا في مجال يشار فيه بواسطة علامات طرقية إلى تواجد الرادار كما تنص على ذلك المادة 9 من المرسوم 2-10-419

كما يلزم القانون اخضاع الرادارات لشهادة المعايرة كل سنتين طبقا لقرار وزير التجارة و الصناعة و التكنولوجيا رقم 2742-10

الخلاصة:

بناءً على ما سبق، فإن هذا الكلام المحرر بناءً على الرادار المتحرك دون معاينة مباشرة من قبل محرر المحضر تكون باطلة، ولا تستند إلى أي أساس قانوني. وقد أظهرت عدة أحكام قضائية أن المحاضر التي لم يعاين محرروها الوقائع بأنفسهم قد تم إبطالها.

لذلك، نطلب من السادة اعوان المراقبة المكلفون بالسير عدم السقوط في هذا الخطأ و تحرير مثل هذه المخالفات، وذلك لعدم استنادها إلى معاينة مباشرة من قبل محرر المحضر، ولعدم توفر الشروط القانونية التي تنص عليها المواد التي ذكرتها قبل من قانون رقم 52-05، وكذلك المادة 12 من المرسوم 2-10-419.

بقلم =محمد موحا مراسل صحفي.

شاهد أيضاً

رصيف الصحافة : الاستغلال المفرط لسيارات الدولة يحرك مفتشية وزارة الداخلية

هسبريس ـ فاطمة الزهراء صدور مستهل قراءة مواد بعض الجرائد الخاصة بيوم الخميس من “المساء”، …

الفرق بين الوظيفة والشخصية

سليمة فرجي: احيانا كنت اقرأ تدوينات لاشخاص لا تحظى بكثير من الاعجاب او التعليق ، …

اترك تعليقاً