محمد اكن يكتب:
حين نتأمل مسيرة بعض الشخصيات الوطنية، ندرك أن الجغرافيا البسيطة لا تحدّ الطموح الكبير، وأن القرى الصغيرة قادرة على إنجاب رجال كبار. الجنرال(دو ديفيزيون) إدريس أمجرار، ابن منطقة إنجيل بإقليم بولمان، هو واحد من هؤلاء الذين حملوا مجد مسقط الرأس إلى مستوى وطني، ليتحوّل اليوم إلى رمز من رموز الدولة المغربية وركيزة من ركائز الدرك الملكي.
ولد في أرض يعرف أبناؤها معنى الكدّ والصبر والوفاء، فحمل تلك القيم معه في مساره المهني. لم يكن طريقه مفروشًا بالورود، لكنه شقّ خطواته بثبات داخل المؤسسة الدركية، متنقلًا بين المسؤوليات الميدانية والإدارية: من قيادة جهات كبرى كمراكش والدار البيضاء، إلى إدارة المدرسة الملكية للتكوين الدركي. هناك صاغ أمجرار جيلاً جديدًا من رجال الدرك، يزاوج بين الانضباط العسكري والوعي الوطني.

تعيينه سنة 2023 مفتشًا عامًا للدرك الملكي لم يكن مفاجئًا، بل تتويجًا لمسار طويل من الجدية والصرامة. أما ترقيته سنة 2025 إلى رتبة جنرال دو ديفيزيون، فهي علامة واضحة على الثقة الملكية العالية في ابن إنجيل، وعلى تقدير الدولة لرجل أثبت أن العمل المتواصل والنزاهة يفتحان أبواب التميز مهما كان الأصل بسيطًا.
الأجمل في قصة أمجرار أنه لم يقطع حبل الانتماء إلى جذوره. فهو لم يتخلَّ يومًا عن سمات التواضع والوقار التي يشهد بها كل من عرفه. أبناء بولمان يرون فيه اليوم مصدر فخر، نموذجًا حيًا يبرهن أن أبناء القرى المغربية قادرون على بلوغ أعلى المراتب، إذا جمعوا بين الصرامة والقيم الأصيلة.
جولاته الميدانية إلى الأقاليم الجنوبية، وحرصه على تفقد الجنود في مواقعهم، تعكس فلسفته: القيادة ليست مكاتب مغلقة، بل قرب من الميدان، وإنصات لهموم المرؤوسين، وتأكيد أن الدولة لا تُبنى فقط بالقوانين، بل بالرجال الذين يحملونها في وجدانهم.
إن الجنرال إدريس أمجرار اليوم ليس مجرد اسم في لائحة قادة المؤسسة العسكرية، بل حكاية وطنية ملهمة: حكاية ابن قرية جبلية صار بجدّه وإخلاصه ركيزة من ركائز أمن المغرب، وحارسًا لقيم الانضباط والنزاهة داخل جهاز حيوي كالدرك الملكي.