في وقت تعيش فيه مدينة وجدة أزمات سياسية تعرقل مسار التنمية، تشهد جماعة وجدة تصاعدًا في الخلافات بين الأعضاء حول مستقبل المجلس وطريقة تسيير شؤونه. آخر هذه الأزمات تمثلت في محاولة فرض السيطرة على أعضاء المجلس وإجبارهم على توقيع عريضة غير مجدية، وذلك بعد انتهاء مدتها القانونية. هذه المحاولة الجديدة جاءت الآن على شكل ضغوط لمنع الأعضاء من المشاركة في أشغال الدورة العادية التي ستعقد في 1 أكتوبر 2024.
إن ما يزيد من حدة هذه الأزمة هو أن مدينة وجدة، التي حظيت باهتمام ملكي كبير منذ الخطاب التاريخي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 18 مارس 2003، كانت مرشحة لتصبح نموذجًا في التنمية والتحديث. ولكن، للأسف، نجد اليوم أن بعض ممثلي الأحزاب السياسية، الذين يدّعون القيادة، هم من يقفون وراء تعطيل عجلة التنمية في المدينة. فبدلاً من التركيز على تحقيق مصالح الساكنة، انشغل هؤلاء السياسيون بحساباتهم الشخصية الضيقة، مما أدى إلى استمرار الأزمة التي يعاني منها المواطن الوجدي.
إن تصرفات بعض الأعضاء، سواء عبر العرائض غير القانونية أو محاولات استمالة الأعضاء في اتجاهات سياسية معينة، لا تخدم مصلحة المدينة. بل على العكس، تزيد من تعميق الأزمة وتدفع المدينة نحو مزيد من التدهور. كل هذا في وقت تعاني فيه المدينة وساكنتها من مشاكل عديدة، تبدأ من البطالة والفقر ولا تنتهي عند تدني الخدمات الأساسية.
مع اقتراب دورة أكتوبر، التي تُعرف بأنها دورة الميزانية، تحتاج مدينة وجدة أكثر من أي وقت مضى إلى تضافر الجهود بين جميع مكونات المجلس. فلا يمكن للمدينة أن تستمر في هذا المسار المعطل. من الضروري أن تضع الأحزاب السياسية خلافاتها جانبًا وأن تركز على تقديم حلول عملية تخدم المدينة وساكنتها.
بشكل خاص، على أعضاء حزب الأحرار، الذي يواجه صراعًا داخليًا، أن يوحدوا صفوفهم ويعملوا بالتنسيق مع باقي الأحزاب من أجل خدمة المصلحة العامة. فالمدينة تحتاج إلى مسؤولين يعملون بجد وشفافية، بعيدًا عن الصراعات السياسية والحسابات الشخصية، لتحقيق التنمية التي يستحقها المواطنون.
لا شك أن وجدة، المدينة التي كانت محط اهتمام كبير من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، تستحق الأفضل. اليوم، على جميع الأعضاء في مجلس جماعة وجدة أن يدركوا أن المستقبل لا يبنى بالصراعات، بل بالتعاون والعمل المشترك. فلا مجال لمزيد من التعطيل، وعلينا جميعًا أن نعمل من أجل مستقبل أفضل للمدينة وساكنتها، بعيدًا عن الحسابات السياسوية الضيقة.