إنه ذلك العالم الرباني الذي قضى حياته كلها يلهج بدعاءٍ واحد:
“اللهم ارزقني الوفاة في بلد حبيبك المصطفى ﷺ.”
كان يردده مرارًا، حتى تعجّب أهله وتلاميذه قائلين: كيف يتحقق له ذلك؟!
ولكن إذا أراد الله أمرًا، هيّأ له أسبابه…
📌 من هو الإمام محمد الغزالي؟
وُلد الغزالي عام 1917م بمحافظة البحيرة، وتخرّج في كلية أصول الدين بالأزهر الشريف.
ويُعدّ من أبرز دعاة الإسلام في القرن العشرين، تميز بقوة حجته وبلاغة خطابه، واشتهر بمواقفه الجريئة في مواجهة الظلم والفساد، ودعوته المتواصلة إلى إحياء روح الدين بعيدًا عن الجمود والتعصب. لقد كان لا يخشى في الحق لومة لائم.
✦ وفاته المهيبة:
في عام 1996م، دُعي الشيخ إلى مؤتمر عُقد بالرياض، على الرغم من تحذيرات الأطباء له من السفر، ورجاء تلاميذه أن يمتنع خشية أن يتعرض للأذى. لكنه أصرّ على الذهاب.
وأثناء كلمته، قام أحد الحضور باتهامه بمعاداة السنة! فانتفض قلبه، وارتفع صوته مدافعًا بحرارة قائلاً:
“نريد أن نحقق في الأرض لا إله إلا الله.”
وما إن أنهى حديثه حتى أصيب بذبحة صدرية فارق على إثرها الحياة، وكأنها شهادة بصدق كلماته ونقاء سريرته.
🔹 وبأمرٍ من ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله، وبتوصية من الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله– نُقل جثمانه إلى المدينة المنورة.
ويروي الدكتور زغلول النجار: “لقد فوجئنا بالطائرات الخاصة تقل العلماء والطلاب من شتى أنحاء العالم، حتى امتلأ المسجد النبوي عن آخره بالمصلين عليه، وخرجنا بالجثمان إلى البقيع والجموع ما زالت تتوافد.”
كما قال حفّار القبور هناك: “صاحبكم هذا أمره عجيب! فكلما حفرت له موضعًا لم تلن الأرض، حتى بلغت مكانًا بين قبرَي نافع مولى ابن عمر، ومالك بن أنس إمام دار الهجرة، فتلانت الأرض كأنها تُهيِّئ صدرها لاستقباله.”
🌿 وهكذا دُفن الإمام محمد الغزالي بين أئمة الفقه والحديث، ليكون رحيله برهانًا عمليًا على وفائه للعلم وأهله.
✨ ولذلك سُمّيت وفاته الميتة المخرِّصة…
ميتة الصدق، وميتة العز، وميتةٌ في رحاب مدينة رسول الله ﷺ.
🤲 اللهم ارزقنا حسن الخاتمة بجوار نبيك المصطفى، واجعل قلوبنا عامرة بقول: لا إله إلا الله